المسافة صفر، ليست فيلما سينمائيا خياليا سعوديا قفزت مشاهداته فجأة على محركات البحث خلال الشهر الحالي ولم نسمع عنه منذ انتاجه قبل اربع سنوات، عن الشاب «ماجد» كان يعيش فى مجتمع خارج العصر عام ٢٠٠٤ يعانى اضطرابا فى الذاكرة وجد نفسه امام جثة مقتولة بمسدسه الشخصى ًليس أمامه إلا تبرئة نفسه اوإعادة الجثة للحياة!

وليست المسافة صفر فيلما دعائيا عنصريا أنتجه جيش الاحتلال الصهيونى بعقلية عصابات الهاجاناه عن القبض على مجموعة من الشباب الفلسطينيين بينهم عمال واطباء ومهندسون وصحفيون نشر صورهم مكبلين شبه عراة على انهم «مخربون» من حماس ويحاول عبثا  اثبات انه الجيش الذي  لا يقهر!
 
لكن المسافة صفر مصطلح صار شعار للمقاومة اطلق سراح قضية فلسطين وشعبها الأبى من سجن النظام الاستعمارى الجديد ليصبح تحريره مطلبا شعبيا فى معظم مدن العالم!
  
المسافة صفر مصطلح اتبعته الفئة المقاومة منذ طوفان الأقصى فتحول من مصطلح قتالى إلى نظام عمل وقانون حياة فى غزة يطبقه المواطن الصامد والطبيب والمراسل الصحفى وفرق الإنقاذ والحماية الوطنية.

المسافة صفر معناه فى قاموس المقاوم يحيى السنوار «النقطة التى تلتحم فيها مع الهدف الذى تنشده دون فاصل زمانى او مكانى، وقد اجبر الجيش الاسرائيلى على التراجع عن بدء الاجتياح البرى فى بداية حربه على غزة، وبعد هدنة مؤقتة وتنظيم صفوفه واستئناف القتال بدأت مدرعاته وجرافاته تقتحم المخيمات والمدن الفلسطينية تحت غطاء جوى فى شمال وشرق ووسط وجنوب قطاع غزة في محاولة لإثبات سيطرتها على الارض بالتقاط صور لجنودها يترجلون من دباباتهم ومصفحاتهم المحصنة فى شوارع المخيمات والقرى الفلسطينية، وبدأت بعد تدمير الطائرات مربع سكنى بمدينة جنين بالصواريخ والقنابل وفى اول تجربة عملية للتداخل مع رجال المقاومة وفى شارع شيرين ابو عقلة فوجئ الصهاينة بوابل من النيران وقذائف الياسين ١١٥، والآر بى جى المحكمة من فوق الارض ومن تحت الارض ومن بين الأنقاض وكانت النتيجة عشرات القتلى والجرحى وانفجارات حولت "قطيعا" من دبابات الميركافا إلى جحيم واضطر العدو للانسحاب بعد إخلاء جثث قتلاه والحالات الخطيرة من جرحاه بطائرات الإسعاف إلى مستشفى سوروكا فى بئر سبع!

من المسافة صفر تكرر صوت المراسل وائل الدحدوح تتصاعد خلفه ألسنة اللهب وأعمدة الدخان من مدرعات وحدة النخبة ٦٦٩ بعد اشتباكات مع المقاومة من المسافة صفر بالأسلحة الرشاشة والثقيلة فى الشجاعية وجباليا والفالوجة، وفى المساء جاء صوت أبو عبيدة اصدق انباء من دبابات الميركافا - وفيلم تحرير الاسير ساعر باروخ الملفق - يعلن بالأدلة والصور وبصمات الدماء ان مقاتلينا يجهزون على عشرة جنود صهاينة من المسافة صفر!

ومن المسافة صفر ترك المراسل أنس الشريف ميكروفونه على الارض وانحنى تحت سقف  «معرش» على الحطام يشارك فى إخراج الطفلة قصواء وهى تنزف بعد ان دلت على مكان امها واخوتها، وفى المسافة صفر فرش لها الطبيب صهيب الهمص بطانية فوق الركام وراح يتحسس عظامها ويضمد جراحها ويوقف نزيف دمائها ويزيح  الغبار عن وجهها ويسقيها بيده اول رشفة ماء بعد عشر ساعات تحت ركام القصف الذى تم فجر الاحد، ويطلب منها ان تردد خلفه الحمد لله!

ومن المسافة صفر يشرح اللواء فايز الدويرى الخبير العسكرى الذى لم يغير قناعاته بأنه ماضاع حق وراءه مقاوم ولو كان بصدر عار كما لم يغير الخبير الاستراتيجى ملابسه التى يظهر بها فى فضائيته منذ ٦٥ يوما، ويشرح ان دبابة الميركافا احدث دبابة فى العالم ترى بزاوية ٣٦٠ درجة وجسمها محصن بأكثر من ثلاث طبقات للحماية وملابس طاقمها وأقنعته ونظاراته لا تقل حصانة عن دروع الدبابة، وتملك نظام تشويش وتطور تكنولوجى ورادارى توجه بالأقمار الصناعية، لذلك لا يدمرها فى غزة إلا مقاتل جريح مربوط الرأس ببنطلون قديم و«شبشب» لكنه يقف فى المسافة صفر يؤمن بقيمة المقذوف وان دقة التصويب تعنى فناء اعدائه وحياة وطن! 

ومن المسافة صفر نجح طوفان الأقصى طوال٦٥ يوما فى عرض القضية بالمعايشة والصورة والصوت والنبض إلى الاجيال الجديدة فى المظاهرات بكل شوارع ولغات العالم، وكشف عجز مجلس الامن فى التعامل مع القضية الفلسطينية طيلة ٧٥ عاما، وأثبت تورط الادارة الأمريكية بالدعم السياسى لإسرائيل باستخدام حق الفيتو ومنع صدور قرار أممى بوقف إطلاق النار، ومنح بايدن جيش نيتانياهو مهلة حتى آخر الشهر لإتمام مهمتها فى انهاء حماس وتحرير الاسرى او إبادة الشعب والقضية الفلسطينية، لكن السياسة الإجرامية فى واشنطن وتل ابيب  من حيث ارادا ابادة الجيل الحالى وآبائهم الذين عاشوا النكبة الاولى واستوعبوا آثارها، فإنهما ايضا اصابا مصداقية الدور الامريكى وبايدن ومعهما نيتانياهو وعصابته فى مقتل من المسافة صفر!

المسافة صفر مصطلح أعاد اليه الروح صوت أبو عبيدة الناطق باسم كتائب المقاومة الفلسطينية فى غزة بعد أن غاب هذا المصطلح عن القواميس العربية منذ أكتوبر ١٩٧٣، ونجح بكفاءة فى حرب تطهير سيناء من مخطط توطين عملاء جيش الاجرام الصهيوني!